أكد خبراء وقانونيون أن قرار محكمة إسبانية بالإفراج عن حسين سالم، رجل الأعمال المصري الهارب ومخزن أسرار الرئيس المصري السابق حسني مبارك، بكفالة مالية كبيرة لا يعني عدم ارتكابه الجرائم المنسوبة إليه أو استحالة تسليمه للسلطات المصرية، بل إن القرار يعتبر إدانة لسالم وتأكيداً للعدالة المصرية، وأن تسليم حسين سالم لمصر بموجب الاتفاقيات الدولية ملزم لإسبانيا.
ويأتي قرار المحكمة الإسبانية بالإفراج عن حسين سالم ليزيد الغموض حول إمكانية تسليم سالم، خاصة أن هناك عدة معوقات تقف حائلاً أمام تسليمه أبرزها عدم توقيع مصر وإسبانيا اتفاقية مشتركة لتسليم المتهمين وحصول سالم على الجنسية الإسبانية وتنازله عن الجنسية المصرية، فهل ستسلمه إسبانيا إلى مصر؟ وما حقيقة حصوله على الجنسية الإسبانية؟ وهل حصوله على تلك الجنسية يتيح عدم تسليمه للسلطات المصرية؟
وكانت إحدى المحاكم الإسبانية قد أفرجت، السبت 18-6-2011، عن رجل الأعمال المصري الهارب حسين سالم، بكفالة مالية قدرها 27 مليون يورو، مقسمة إلى 12 مليون يورو عن الجرائم المنسوبة إليه بارتكاب عمليات غسيل أموال من دول أخرى إلى مدريد، و15 مليوناً أخرى عن التهم المطلوب على ذمتها في مصر.
ومَثَل سالم أمام المحكمة أمس الجمعة أمام قاضيين نظر أحدهما في مذكرة الشرطة الدولية "الإنتربول" للقبض عليه وتسليمه إلى مصر، ونظر الآخر في قضية غسل أموال في إسبانيا.
ونفى سالم أمام المحكمة في مدريد اتهامه بالفساد، وقد تم نقله إلى المستشفى الجامعي العام جراء الإعياء الذي تعرض له من الأسئلة التي وجهها له القاضي.
وذكرت وكالة "الاسوشيتد برس" الأمريكية أن تحقيقات السلطات الإسبانية التي جرت مع سالم تمّت في المحكمة الوطنية على يد اثنين من القضاة، الأول مختص بالتحقيق في عمليات غسل أموال، والثاني مختص بالتحقيق في طلبات الاستدعاء الدولية المقدمة من الدول التي لها متهمون هاربون تسعى للقبض عليهم.
وأضافت الوكالة أنه بعد قرار الإفراج عن سالم تم نقله إلى المستشفى لمعاناته من مشاكل في الجهاز العصبي.
يُذكر أن السلطات الإسبانية ألقت القبض على سالم وعلى نجله في مدريد مساء أول أمس الخميس وفقاً لقرار القبض الصادر من البوليس الجنائي الدولي "الإنتربول" ضده بتهم الاحتيال والاشتباه بتبديده المال العام في مصر جراء بيع الغاز لإسرائيل بأقل من أسعار السوق.
معوقات تسليم سالم
ويقول المستشار ياسر الرفاعي، المحامي العام الأول لنيابات الإسكندرية، لـ"العربية.نت" إنه "طبقاً لما ورد في وسائل الإعلام فإن حصول سالم على الجنسية الإسبانية وتنازله عن الجنسية المصرية لا ينفي الاتهامات عنه، فقد ارتكب سالم تلك الجرائم في مصر وأثناء تجنسه بالجنسية المصرية، بالإضافة إلى أنه من المشكوك فيه من الأصل حصوله على الجنسية الإسبانية".
ويضيف "إن قرار الإفراج عن سالم لا يعني سقوط الجريمة، بل استمرار محاكمته، أما عن كيفية تسليمه، فهذا سيرجع إلى الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر وإسبانيا بغض النظر عن أي أسباب أخرى تمنع تسليمه".
وعلّق جمال تاج، المحامي ووكيل لجنة استرداد أموال مصر المنهوبة، على قرار الإفراج لـ"العربية.نت" قائلاً: "هذا القرار لا ينفي إدانة سالم بدليل أنه إفراج مشروط بكفالة مالية كبيرة كما جاء في قرار المحكمة الإسبانية".
وأضاف "أن سالم مازال محتجزاً على ذمة اتهام السلطات المصرية له وبناء على مذكرة استرداده التي أرسلها النائب العام المصري، ويبقى بعد ذلك ضرورة استمرار الحكومة المصرية وسعيها في المطالبة بمحاكمة سالم على أراضيها وترحيله فور خروجه من المستشفى، خاصة أن مصر وقعت مع دول الاتحاد الأوروبي اتفاقية تسليم المدانين في قضايا جنائية وهذا يتجاوز عدم توقيعها اتفاقية خاصة مع إسبانيا لتبادل المتهمين، كما أن مصر وإسبانيا موقعتان على اتفاقية مكافحة الفساد والشفافية الدولية فلا يوجد ما يمنع السلطات الإسبانية تسليم حسين سالم لمصر".
وعن أزمة تنازل حسين سالم عن الجنسية المصرية واكتفائه فقط بالجنسية الإسبانية ما يعوق تسليمه لمصر، يقول جمال تاج: "تنازله عن الجنسية المصرية لا يعطي الحق لإسبانيا في عدم تسليمه، فالجرائم التي ارتكبها سالم وقعت على أرض مصر وتضرر منها مصريون".
ويقول السفير إبراهيم يسري، مدير إدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية السابق بالخارجية المصرية: "إن تسليم السلطات الإسبانية رجل الأعمال الهارب سالم إلى مصر قد يتأخر إذا استخدم أمواله ونفوذه"، مشيراً إلى أن الأمر في النهاية "متوقف على الإرادة السياسية الإسبانية".
واستدرك "لكن في النهاية مادامت الأوراق سليمة لابد أن تذعن إسبانيا للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية بشأن مكافحة الفساد".
النائب العام يسلّم إسبانيا ملف سالم
وكان النائب العام المستشار د. عبدالمجيد محمود قد اعتمد ملف استرداد المتهم الهارب الذي ألقي القبض عليه في فيلته بمايوركا الإسبانية، وعلى الفور أرسلت وزارة الخارجية المصرية الملف إلى السلطات الإسبانية.
وأعلن النائب العام المساعد المستشار عادل السعيد "أن مصر استندت إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في طلب تسليم سالم للسلطات المصرية وقدمت ملفاً كاملاً يتضمن صورة من تحقيقات النيابة العامة، والجرائم التي ارتكبها، والأدلة التي توصلت إليها، وأمر الإحالة الصادر ضده، وقائمة أدلة الثبوت، ومواد قانون العقوبات التي سيحاكم بها أمام محكمة جنايات القاهرة، وصورة جواز السفر المصري للمتهم، وشهادة تحركاته، والتي تفيد سفره من مصر عدة مرات منذ عام 2005 حتى 2011، بجواز السفر المصري، باعتباره مواطناً مصرياً، وذلك لإثبات أن حصوله على الجنسية الإسبانية قد تم بالمخالفة للقانون الإسباني الذي يحظر ازدواج الجنسية".