قالت صحيفة ها أرتس
الاسرائيلية ان النظام المصري فشل - على ما يبدو - في اقناع الشعب بأن هناك فرق
بين مصر
وتونس وأن ما حدث من ثورة هناك لا يمكن ان يتكرر في بلادهم.
ووصفت الصحيفة محاولات الحكومة المصرية استرضاء الناس قبل "يوم الغضب" بأنها
كانت مثل "سكب الغاز على نار مشتعلة".
وقال المحلل والكاتب بالجريدة تسيفي بارئيل - في مقال له الأربعاء حول يوم الغضب
- ان حمى الثورة التي أشعلها رياض البوعزيزي انتقلت من تونس الى الوطن العربي
وبخاصة مصر التي أقدم فيها حتى الأن ثمانية اشخاص على الانتحار حرقا اعتراضا على
السياسات والاوضاع في بلادهم.
ورصد الكاتب رد الفعل الحكومة التي سارعت بوصف هؤلاء المنتحرين بالمختلين
والمضطربين نفسيا.
واشار الى تحقيق اجرته جريدة الشروق المصرية كرد فعل على تصريحات الحكومة حول
المرض النفسي في مصر حيث كشف الدكتور خليل فاضل مستشار الطب النفسي في حديثه عن
ظاهرة انتحار المصريين للجريدة ان المنتحر ليس مختلا نفسيا أن نسبة الانتحار بين
الأشخاص العاديين أعلى بكثير من المرضى النفسيين.
وأشار بارئيل الى أن فاضل ذهب الى أن نحو 80% من المصريين يعانون أمراضا
واضطرابات نفسية وان نسبة كبيرة من المصريين يعانون من اكتئاب شديد، موضحا ان من
أهم الأسباب وراء محاولات الانتحار أن المصري بشكل عام نفسه عزيزة عليه جدا
وفرعونيته ليست لها مثيل.
واشار إلى أن هذا الإحساس الزائد بالكرامة لدى الانسان المصري يقابله إذلال شديد
وقهر أمام جهات الإدارة وتحديدا الشرطة فلا يجد أمامه منفذا إلا التخلص من حياته
ومن ثم فانه يرى نفسه أنه بانتحاره يتحول الى بطل.
و قال بارئيل ان الحكومة المصرية قامت في الفترة الاخيرة بحزمة من الاجراءات
لإطفاء نار الغضب في نفوس الشعب بعد ان نما الى علمها بالدعوة الى يوم الغضب، من
بين زيادة عدد منافذ اسطوانات الغاز المدعم الذي كانت الحكومة على وشك اتخاذ قرار
بتقنينها أو رفع الدعم عنها مما سبب غضبا تحول الى مظاهرات ولكن احداث تونس طغت على
تلك المظاهرات.
واشار الى أنه صدرت في الآونة الاخيرة توجيهات لموظفي الحكومة بالتعامل مع شكاوى
المواطنين وتقديم الخدمات لهم بكفاءة و سرعة.
وقال انه صدرت توجيهات ايضا لأئمة المساجد بالتركيز في خطب الجمعة على تحريم
وتجريم الانتحار وان من ينتحر أيا كان السبب وراء ذلك سيكون مصيره جهنم.
كما أشار الى أنه صدرت توجيهات للصحفيين الموالين للنظام بتخفيف حدة المدح في
جمال مبارك نجل الرئيس وان يقللوا من كثافة تغطيتهم للأحداث في تونس مع العمل على
ابراز الاختلاف الكبير بين الحال في مصر والحال في تونس.
وأضاف ان من بين تلك الإجراءات المهدئة لشعلة الغضب في نفوس المصريين كان عرض
الحكومة لتقديم حزمة قروض ميسرة السداد للموظفين الحكوميين و اختارت اسما للمشروع
هو "حقق حلمك" و قد لقي هذا العرض اقبالا واسعا بالفعل من تلك الفئة من الشعب.
وتساءل الكاتب هل نجح مشروع "حقق حلمك" و الاجراءات المسكنة الاخرى في منع
انتقال تأثير الثورة التونسية الى المصريين, مجيبا بان يوم الغضب اثبت ان الحكومة
المصرية فشلت بشكل واضح لان مشكلة الشعب المصري لا تكمن فقط في البطالة و الفقر
المستشريين بل في الفساد الذي يسود البلاد و قانون الطوارئ الذي يكرس للقهر