فلسفة زواج
الزواج ليس عقد رجل على امرأة و انجاب أطفال!
الزواج التقاء أرواح تولد طاقة تدفع بهذه الأمة إلى الأمام ، كما أن جهاد المرأة في بيتها جهاد في سبيل أمتها ، و متى كانت المرأة متشبثة بدينها ملتزمة بشريعتها كانت كالشعاع يضيء لنفسه و لغيره فيكسب بذلك رضا نفسه و مودة الآخرين ، و الرجل رجل بفطرته التي ركبت فيه من صلابة و قوة و رباطة جأش ، إذ يكون بذلك الوقود الأساسي لهذه الأمة و المحرك الفاعل بداخلها ، لذلك رغب الإسلام في الزواج أيما ترغيب ، حتى يكمل النصف نصفه الآخر و يصير الجزأن جزء واحد ، و من هنا نجده قد اشترط في كلا الطرفين شروطا تستلزم من وجودها وجود السعادة التي يصبو إليها كل متزوج .
فنجده يشترط في الرجل أن يكون ذا شريعة و أمانة ، لا أي الرجال ، فالحافظ لحقوق خالقه حارس لنصفه الآخر ، و الأمين في معاملاته و تصرفاته أمين لأهله ، و من ليست هذه حاله و صفته ردته المرأة المسلمة ، إذ هي تخشى أن تجرح جسد الأمة على يد 'ذكز' لا يزال يصارع فكره ؛ هل يصلي اليوم أم غدا !!؟
وفي الجهة المقابلة نجد الشريعة تزرع في روح المرأة عقلا ثانيا ، إذ تحتها أن خير النساء من زادها حسن جمال وجهها جمالا في عقلها و أخلاقها ، فإن هي وجدت رجلها الكفء ، يسرت عليه ، ثم يسرت ، ثم يسرت ، لأنها تعلم يقينا أنها إنسان يريد إنسان ، لا سلعة تحتاج شاريا ! ، و متى كانت المرأة الرخيصة في مهرها إلا و كان ذلك دليل على ارتفاع قيمة عقلها ، إذ لا تنظر بذلك إلى جمال وجهها بل إلى حسن من يكون أهلا لها .
و اعلموا أن الرذيلة لا تظهر مجتمع من المجتمعات إلا حينما تغيب مثل هذه المعاني عن عقول الناس ، فيصير كل بيت يشرع لنفسه ما يراه متماشيا مع شهوته ويسن سننا تمليها عليه مخيلته ، ظنا منه أنه ينشئ بذلك قانونا يضمن له سعادة كما تمناها ، و لا يكون في الحقيقة إلا كمن يخطو أولى خطواته نحو الضياع .
الزواج يحتاج مني و منكم و منا جميعا أن نسمح لبعض أفكار الجاهلية مغادرة عقولنا ، فما أحوجنا لعقول شربت من ماء الشريعة و تشبعت بروح الوحي ، لا يصدها عن ذلك طقوس مريضة و لا إغراء مجلة و لا إعلان جريدة ، همها الوحيد بناء أمة عنوانها الفضيلة و أول لبناتها المرأة الصالحة .
هل تصدقون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج بعض نسائه على عشرة دراهم وأثاث بيت، وكان الأثاث: رحى يد، وجرة ماء، ووسادة من أدم حشوها ليف . و ما كان به فقر صلى الله عليه وسلم ، و لكن أراد بذلك أن يعلم الناس أن مهر المرأة ليس ما تأخذه قبل رحيلها إلى بيت زوجها ، بل ما تجده بعد رحيلها من أخلاقه و كرمه و حسن معاملاته ، و ما فائدة المهر الكثير إن كان يورث ذلا بعد ذلك ؟ و ما فائدة المهر الكثير إن كان يحدث عداوة بعد ذلك لا حبا ؟ و ما فائدة المهر الكثير إن كان ينشئ اليوم زواجا ويحدث غدا طلاقا ؟ فالمرأة زوجة حينما تجد زوجها لا حينما تجد ماله ، و هي زوجة حينما تجد نفسها فيه لا حينما تجد جزء ا منه ، و هي زوجته حينما تتممه لا حينما تنقصه ، فيكونان معا كالنفس الواحدة .
الزواج مملكة أميرتها المرأة ما دامت هي المصنع الوحيد الذي يلد ، و ما دامت لا تبيع ما تلد ، فهي تسعى جاهدة أن يكون ولدها أفضل منها أضعافا مضاعفة ، أفضل منها علما وأناقة و خبرة بمتطلبات الحياة الجديدة ، لكن لن يكون أفضل منها رحمة بنفسه ! فهي لا تعيش لنفسها بقدر ما تعيش لأبنائها ، و كم من جرعات ظاهرها الألم تسقيها الأم لابنها طلبا لشفائه و رحمة لحاله و باطنها مملوء بدعوات الرحمة و السلام .
و ذكرني الحديث بمقولة للدكتور مصطفى محمود رحمه الله :
إذا أردت امرأة كخديجة ، فكن رجلا كمحمد !