سعيد بن زيد
سَعِيْدُ بنُ زَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ العَدَوِيُّ القُرَشِيُّ
أَحَدُ العَشَرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ، وَمِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ البَدْرِيِّيْنَ، وَمِنَ الَّذِيْنَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وَرَضُوْا عَنْهُ
ابن عم عمر بن الخطاب و زوج أخته
والده زيد بن عمرو
كَانَ وَالِدُهُ زَيْدُ بنُ عَمْرٍو مِمَّنْ فَرَّ إِلَى اللهِ مِنْ عِبَادَةِ الأَصْنَامِ، وَسَاحَ فِي أَرْضِ الشَّامِ يَتَطَلَّبُ الدِّيْنَ القَيِّمِ، فَرَأَى النَّصَارَى وَاليَهُوْدَ، فَكَرِهَ دِيْنَهُمْ، وَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنِّي عَلَى دِيْنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَلَكِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِشَرِيْعَةِ إِبْرَاهِيْمَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- كَمَا يَنْبَغِي، وَلاَ رَأَى مَنْ يُوْقِفُهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّجَاةِ،
فَقَدْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِأَنَّهُ: يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ
وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الإِمَامِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ،
رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَلَمْ يَعِشْ حَتَّى بُعِثَ
قَالَ سَعِيْدٌ:
فَقُلْتُ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ
إِنَّ أَبِي كَانَ كَمَا قَدْ رَأَيْتَ وَبَلَغَكَ،
وَلَو أَدْرَكَكَ لآمَنَ بِكَ وَاتَّبَعَكَ، فَاسْتَغْفِرْ لَهُ
قَالَ:
(نَعَم، فَأَسْتَغْفِرُ لَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ)
أَسْلَمَ سَعِيْدٌ قَبْلَ دُخُوْلِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ
دوره فى غزوة بدر
لَمَّا تَحَيَّنَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وُصُوْلَ عِيْرِ قُرَيْشٍ مِنَ الشَّامِ، بَعَثَ
طَلْحَةَ وَسَعِيْدَ بنَ زَيْدٍ
قَبْلَ خُرُوْجِهِ مِنَ المَدِيْنَةِ بِعَشْرٍ،
يَتَحَسَّسَانِ خَبَرَ العِيْرِ،
فَبَلَغَا الحَوْرَاءَ، فَلَمْ يَزَالاَ مُقِيْمَيْنِ هُنَاكَ
حَتَّى مَرَّتْ بِهِمُ العِيْرُ، فغير أبو سفيان طريقه
فَبَلَغَ نَبِيَّ اللهِ الخَبْرُ قَبْلَ مَجِيْئِهِمَا،
فَنَدَبَ أَصْحَابَهُ وَخَرَجَ يَطْلُبُ العِيْرَ ،
وَسَارُوا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَرَجَعَ طَلْحَةُ وَسَعِيْدٌ لِيُخْبِرَا، فَوَصَلاَ المَدِيْنَةَ يَوْمَ الوَقْعَةِ، فَخَرَجَا يَؤُمَّانِهِ.
وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِسَهْمِهِمَا وَأُجُوْرِهِمَا
وَشَهِدَ سَعِيْدٌ أُحُداً، وَالخَنْدَقَ،
وَالحُدَيْبِيَةَ، وَالمَشَاهِدَ
بشرى بالشهادة و الجنة
عَنْ سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ -: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اسْكُنْ حِرَاءُ! فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيْقٌ، أَوْ شَهِيْدٌ)
وَعَلَيْهِ النَّبِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ
روي عن سعيد بن زيد أنه قال :
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
( عشرة من قريش في الجنة
أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ
، وطلحة ، والزبير
وعبد الرحمن بن عوف
، وسعد بن مالك
( بن أبي وقاص ) ،
وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل ،
و أبو عبيدة بن الجراح )
دعوته المستجابة
روى أَنَّ أَرْوَى بِنْتَ أُوَيْسٍ ادَّعَتْ
أَنَّ سَعِيْدَ بنَ زَيْدٍ أَخَذَ شَيْئاً مِنْ
أَرْضِهَا، فَخَاصَمَتْهُ إِلَى مَرْوَانَ
فَقَالَ سَعِيْدٌ:
أَنَا كُنْتُ آخُذُ مِنْ أَرْضِهَا شَيْئاً بَعْدَ
الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ:
سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
(مَنْ أَخَذَ شَيْئاً مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ
إِلَى سَبْعِ أَرَضِيْنَ)
قَالَ مَرْوَانُ:
لاَ أَسَأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا
فَقَالَ سَعِيْدٌ:
اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذبَةً
فَأَعْمِ بَصَرَهَا، وَاقْتُلْهَا فِي أَرْضِهَا
فَمَا مَاتَتْ حَتَّى عَمِيَتْ، وَبَيْنَا
هِيَ تَمْشِي فِي أَرْضِهَا إِذْ وَقَعَتْ فِي حُفْرَةٍ فَمَاتَتْ
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ فِي حَدِيْثِهِ:
سَأَلَتْ أَرْوَى سَعِيْداً أَنْ يَدْعُوَ لَهَا، وَقَالَتْ:
قَدْ ظَلَمْتُكَ
فَقَالَ:
لاَ أَرُدُّ عَلَى اللهِ شَيْئاً أَعْطَانِيْهِ
دوره فى الشورى
لَمْ يَكُنْ سَعِيْداً مُتَأَخِّراً عَنْ رُتْبَةِ أَهْلِ الشُّوْرَى فِي السَّابِقَةِ وَالجَلاَلَةِ، وَإِنَّمَا تَرَكَهُ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لِئَلاَّ يَبْقَى لَهُ فِيْهِ شَائِبَةُ حَظٍّ، لأَنَّهُ خَتَنُهُ وَابْنُ عَمِّهِ، وَلَوْ ذَكَرَهُ فِي أَهْلِ الشُّوْرَى لَقَالَ الرَّافِضِيُّ: حَابَى ابْنَ عَمِّهِ، فَأَخْرَجَ مِنْهَا وَلَدَهُ وَعَصَبَتَهُ
فَكَذَلِكَ فَلْيَكُنِ العَمَلُ لِلِّهِ
ولايته دمشق
َشَهِدَ سعيد بن زيد حِصَارَ دِمَشْقَ، وَفَتَحَهَا، فَوَلاَّهُ عَلَيْهَا أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عَمِلَ نِيَابَةَ دِمَشْقَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ.
ثم نهض مع مَنْ معه للجهاد ، فكتب إليه سعيد :
( أما بعد ، فإني ما كنت لأُوثرَك وأصحابك بالجهاد على نفسي وعلى ما يُدْنيني من مرضاة ربّي ، وإذا جاءك كتابي فابعث إلى عملِكَ مَنْ هو أرغب إليه مني ،
فإني قادم عليك وشيكاً إن شاء الله والسلام )
الخلافة و المبايعة
كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ وَالِي
المَدِيْنَةِ لِيُبَايِعَ لابْنِهِ يَزِيْدَ.
فَقَالَ
رَجُلٌ مِنْ جُنْدِ الشَّامِ: مَا يَحْبِسُكَ؟
قَالَ:
حَتَّى يَجِيْءُ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ فَيُبَايِعُ،
فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ البَلَدِ، وَإِذَا بَايَعَ بَايَعَ النَّاسُ.
قَالَ:
أَفَلاَ أَذْهَبُ فَآتِيْكَ بِهِ؟
وجاء الشامـي وسعيد مع أُبيّ في الدار ،
قال :
( انطلق فبايع )
قال :
( انطلق فسأجيء فأبايع )
فقال :
( لتنطلقنَّ أو لأضربنّ عنقك )
قال :
( تضرب عنقي ؟ فوالله إنك لتدعوني
إلى قوم وأنا قاتلتهم على الإسلام )
فرجع إلى مروان فأخبره ،
فقال له مروان :
( اسكت )
وماتت أم المؤمنين
( أظنّها زينب )
فأوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد ،
فقال الشامي لمروان :
( ما يحبسُك أن تصلي على أم المؤمنيـن ؟)
قال مروان :
( أنتظر الذي أردت أن تضرب عنقـه
فإنها أوصت أن يُصلي عليها )
فقال الشامي :
( أستغفر الله )
وفاته
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ: عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:
مَاتَ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ وَكَانَ يَذْرَبُ،
فَقَالَتْ أُمُّ سَعِيْدٍ لِعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ:
أَتُحَنِّطُهُ بِالمِسْكِ؟
فَقَالَ: وَأَيُّ طِيْبٍ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ؟
فَنَاوَلَتْهُ مِسْكاً
عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ:
مَاتَ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ بِالعَقِيْقِ
فَغَسَّلَهُ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَكَفَّنَهُ، وَخَرَجَ مَعَهُ