"هاملت"، "عطيل"، "الملك لير"، و"ماكبث" هي أسماء جسدت في لحظة ولادتها المآسي الكبرى عند شكسبير ولكنها غادرت زمانها وحتى مكانها منسرحة في الأعمال النقدية والمسرحية في عالم الأدب العالمي. هذه الأسماء زرعها شكسبير في تربة أعماله المسرحية الخصبة لتنبت أفكاراً ودراسات وأعمال مسرحية يتردد صدى نجاحاتها في أروقة الصالات السينمائية وعلى خشبات المسارح العالمية. وتأتي هذه الأعمال المسرحية الأربعة لشكسبير مجتمعة طي هذا الكتاب معربة ومتألقة بدراسات جبرا ابراهيم جبرا. وهذه إضاءات حول كل واحدة من هذه المسرحيات. لنأت أولاً على مسرحية "هاملت": الشخصية التي هي من أشهر الشخصيات منذ أن شوهدت لأول مرة قبل أكثر من ثلاثة قرون ونصف قرن، على خشبة مسرح في لندن لا شخصية راقية بل شخصية خلقها خيال شاعر، فتجسدت في خيال الحضارة أكثر مما تجسد أي رجل عاش التاريخ وصنعه. هذه شخصية هاملت، شخصية لا تُسْتَنفَذْ مهما تأملها المتأملون وتبقى حية تغري بالتأمل كأن "ألسينور" القلعة التي عاش فيها هاملت مأساته، جمعت رموز حضارة برمتها، حضارة تعظم الفكر والتساؤل، تحس بروعة الدنيا وجمال الإنسان، ولكنها تحس أيضاً "بالأبخرة الموبوءة" التي تغزو الحياة، والغوامض الرهيبة التي تكتنف الإنسان. وليس عجيباً أن تكون مسرحية "هاملت" أحب مسرحية للناس في تاريخ الأدب والتمثيل، إنها أشد مآسي شكسبير صقلاً، وأكملها شكلاً، وأكثرها تنويعاً وحشداً، وهي تعتمد في الظاهر على فكرة بسيطة واضحة: هل سينتقم هاملت لأبيه؟ ولكنها تبدأ بظلام منتصف الليل وتسير خلال ظلمات النفس وظلمات العقل، لتكشف لنا من حب بريء ينتهي إلى الجنون فالفرق، وحب فاسق يشق طريقه بالقتل والمكيدة إلى الحكم ثم السقوط بالدم، وشباب عميق الحسن والفكر يجرّ الخطى نحو المأساة الأخيرة، حيث يكون في انتقام المنتقم موته وموت الآخرين.
رابط مباشر لتحميل الكتاب :
http://www.mediafire.com/download/ikiglmktlql8k3u/المآسي_الكبرى_-_وليم_شكسبير_مجلد.rar