الحيوان
كانت النّظرة قديمًا إلى الحيوان على أنّه كائن لا يعقل ولا يدرك قد خلق فقط لخدمة الإنسان، وقد أهملت كثيرٌ من الحضارات مسألة الرّفق بالحيوان ومراعاة التّعامل معه بأسلوب إنساني بعيد عن العنف، بل إنّ التّاريخ قد سجّل لبعض الحضارات والأمم أنّها كانت تجري محاكمات للحيوان على غرار محاكمات البشر وكأنّه كائن مدرك لما يقوم به من أعمال.
بقيت كثيرٌ من الممارسات الخاطئة في التّعامل مع الحيوان مثل ما نراه في إسبانيا من تقاليد ورثها الأبناء عن الآباء؛ حيث تنظّم مهرجانات مصارعة الثّيران، كما تتنافس شعوب أخرى في التّحريش بين الدّيوك حتى تتصارع مع بعضها لينتظر المتنافسين من يفوز في هذا الصّراع الهمجي .
وقد جاءت الشّريعة الإسلاميّة لتؤكّد على معنى الرّفق بالحيوان في مواطن كثيرة، ابتداءً من مسألة تأكيد أنّ الحيوانات ما هي إلا أمّةٌ من الأمم، قال تعالى (وما من دابّة في الأرض ولا طائرٌ يطير بجناحيه إلا أممٌ أمثالكم ما فرطّنا في الكتاب من شيء ثمّ إلى ربّهم يحشرون )، كما أكّد الإسلام على معنى الرّفق في الأمر كلّه وكيف أنّ الله تعالى يحبّ الرّفق لأنّ من صفاته جلّ وعلا؛ فالرّفق كما قال النّبي عليه الصّلاة والسّلام لا يكون في شيءٍ إلأ زانه ولا ينزع من شيءٍ إلا شانه، وبالتّالي فإنّ الرّفق بالحيوان هي إحدى وجوه الرّفق الإنساني في الحياة، فما هي أبرز صور الرّفق بالحيوان في الإسلام ؟ .
صور الرفق بالحيوان في الإسلام
هدي النّبي عليه الصّلاة والسّلام في حثّ المسلمين على حسن التّعامل مع الحيوان والرّفق به، فقد نهى عليه الصّلاة والسّلام عن اتخاذ ظهور الدّواب مقاعد، كما نهى عن اتخاذ الحيوانات هدفًا أو صيدها عبثًا من دون غاية أو هدف، كما نهى النّبي الكريم عن التّحريش بين الحيوانات أو وسمها على وجوهها بزعم تمييزها، وكذلك نهى عن لعن الدّواب عند ركوبها أو سبّها .
العناية بالحيوان وتقديم الطّعام المناسب والكافي له، فقد دخل النّبي الكريم عليه الصّلاة والسّلام يومًا في بستان أنصاري فوجد جملًا يذرف دمعًا ويشكو له ما يلاقيه من صاحبه من تجويع وسوء معاملة، فكان توجيه النّبي الكريم لصاحبه أن يتّقي الله تعالى فيه وأن يحسن معاملته، كما ذكر النّبي الكريم في حديث آخر كيف دخلت امرأة النّار بسبب هرّة حبستها فلا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض .
الإحسان مع الحيوان حتّى عند قتله بهدف الانتفاع من لحمه، قال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام إنّ الله قد كتب الإحسان على كلّ شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته .