قال فضيلة الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية إن الدين هو السقف الذي يقف عنده الجميع وينبغي أن يتدخل الدين بشكل أساسي كسقف لا نتعداه في التشريع وأن يظل عالم الدين بعيدًا عن السياسة بمعناها الحزبي الضيق التي قوامها البرامج التنافسية والخلافات وأن يبقى ملكًا لكل الأطراف و يضطلع بدوره في توعية الجماهير وقيادتها نحو ممارسات صحيحة، تتفق والقيم العليا، لتحقيق مصالح الفرد والمجتمع والوطن .
وأكد فضيلة مفتي الجمهورية خلال استقباله المستشارة روث جنزبيرج رئيسة المحكمة العليا الأمريكية والوفد المرافق لها الثلاثاء بدار الإفتاء أن مصر دولة إسلامية تحترم حقوق الأقباط كشركاء في الوطن وأن الدستور الجديد لابد أن يكون محوره الشعب وليس الشخص وتوافقيا لا يفرق بين أحد من المصريين و ينبغي أن يكون الدين سقفا لا نتعداه في التشريع مشيرا الى مشاركة علماء الدين الإسلامي والمسيحي في تأسيس دستور 1923.
وقال مفتي الجمهورية إنه يجب على الجميع احترام إرادة الشعب باعتباره حقا أصيلا يجب أداؤه وأن جميع الأحزاب والتيارات والقوى السياسية مطالبة بإعلاء المصلحة الوطنية والعمل سويا علي وضع وتنفيذ البرامج والخطط التي تحقق النهضة الشاملة وآمال وتطلعات ملايين المصريين .
وأشار فضيلته الى أن دار الإفتاء المصرية مؤسسة مستقلة بالرأي الشرعي منذ إنشائها عام 1895ميلادية ولم تحابِ أحدًا، سواء أكان نظامًا حاكمًا أو غيره، مؤكدا عراقة ورسوخ هذه المؤسسة الدينية التي تولى الإفتاء فيها عبر تاريخها خيرة علماء الأمة، الذين وضعوا لها مبدأً و طريقًا واضحًا محددًا فيما يتعلق بمصادرها وطرق البحث الفقهية وشروطه المعتبرة .
ولفت المفتى إلى أن دار الإفتاء بجذورها الضاربة في عمق التاريخ لها خبرة واسعة في إدراك الواقع، لا يمكن أن تهتز لاتباعها منهجًا وسطيًّا، ولقدرتها على إدراك مصالح الناس في مقاصد الشرع وأكبر دليل على قيام الدار بواجبها أنها أصدرت في العامين الماضيين ما يقرب من مليون فتوى لخدمة جموع المسلمين في شتى نواحي الحياة .
وأطلع مفتي الجمهورية المستشارة روث جنزبيرج رئيسة المحكمة العليا الأمريكية على الأسلوب العلمي المتطور الذي تتبعه دار الإفتاء المصرية للرد على الفتاوى الواردة إليها سواء كانت بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق الموقع الإلكتروني أو الاتصالات الشفهية وتحويل كل هذه الأسئلة إلى أمانة الفتوى التي تصنفها كلاًّ حسب الفرع المسئول عنه .
وأوضح المفتى أن الفتوى تمر في "أمانة الفتوى" بأربع مراحل أساسية، تخرج بعدها في صورتها التي يسمعها أو يراها المستفتي، و هي: مرحلة التصوير يتم فيها تصوير المسألة التي أثيرت من قبل السائل، و بعدها مرحلة التكييف وهي إلحاق الصورة المسئول عنها بما يناسبها من أبواب الفقه ومسائله، و يتبع ذلك مرحلة بيان الحكم الشرعي وهو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع ويؤخذ هذا من الكتاب والسنة والإجماع، ويتم إظهاره أيضًا بواسطة القياس والاستدلال ثم تأتي بعد ذلك مرحلة الإفتاء أو تنزيل الحكم الذي توصل إليه على الواقع الذي أدركه، وحينئذٍ فلا بد عليه من التأكد أن هذا الذي سيفتي به لا يخالف نصًّا مقطوعًا به ولا إجماعًا مُتفقًا عليه ولا قاعدة فقهية مستقرة.